للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث أسوأ أحواله أن يكون حسناً لكثرة طرقه، وذكر المواردى أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقاً (١) .

وإذا نظرنا إلى أدلة أهل السنة نرى أنها تمنع إيجاب الغسل على من مس ميتاً، مثل " لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن ليس بنجس حياً ولا ميتاً "، وكذلك حديث " المؤمن لا ينجس "، بل إنها تمنع إيجابه من غسل الميت كحديث ابن عباس: " لا غسل عليكم من غسل الميت "، وكحديث " كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل "، وما رواه الإمام مالك فى الموطأ عن عبد الله بن أبى بكر أن أسماء بنت عميس امرأة أبى بكر الصديق رضي الله عنه ـ غسلت أبا بكر حين توفى، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إن هذا يوم شديد البرد، وأنا صائمة، فهل على من غسل؟

قالوا: لا.

وحديث أبى هريرة، إذا ثبت، يمكن حمله على الاستحباب.

ويؤيد هذا من طرق الشيعة، ما روى عن الإمام على أنه قال: " الغسل من سبعة: من الجنابة وهو واجب، ومن غسل الميت، وإن تطهرت أجزأك " (٢)

ونجد من الشيعة من يرى استحباب هذا الغسل، وهو اختيار المرتضى، ورماه بعضهم بالضعف، وآخرون بالشذوذ (٣) .

وهكذا نجد خلافاً وقع بين الشيعة والسنة لا يزيد عن الخلاف الداخلى فى كل منهما، ولا غرو، فهو مبنى على اجتهاد واستدلال. فشتان بين هذا، وبين الخلاف الذى يبنى على التعصب المذهبى، فيخلق هوة سحيقة بينهما تمنع اللقاء.


(١) انظر نيل الأوطار جـ ١: باب الغسل من غسل الميت ص ٢٩٧ وما بعدها.
(٢) الوسائل جـ ٤ ص ٢٢٥.
(٣) انظر: مفتاح الكرامة ـ كتاب الطهارة ص ٥١٢.

<<  <   >  >>