للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرف الناس أن الصلاة خير العمل مع ما فيها من الدعة والسلامة لاقتصروا فى ابتغاء الثواب عليها، وأعرضوا عن خطر الجهاد المفضول بالنسبة إليها، وفتح الممالك لا يكون إلا بتشويق الجند إلى التورط فى سبيله بالمهالك، بحيث يشربون فى قلوبهم الجهاد، حتى يعتقدوا أنه خير عمل يرجونه يوم الميعاد، فقدم المصلحة على التعبد بما جاء به الشرع الأقدس، وقد تبعه فى إسقاطها عامة من تأخر عنه من المسلمين، حاشى أهل البيت ومن يرى رأيهم " (١) .

وروى أن ابن عمر كان يؤذن بحى على خير العمل أحياناً، وعن على بن الحسين أنه قال: هو الأذان الأول، وعن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك، وروى بذلك عن أمامة بن سهيل البدرى (٢) .

ويلعب الخيال الشيعى دوره، ويجد الوضاعون مجالا لهم هنا، فيروى أن الإمام السابع موسى الكاظم سئل عن (حي على خير العمل) لم تركت من الأذان؟ فقال: " أما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا على الصلاة، وأما الباطنة فإن خير العمل الولاية، فأراد من أمر بترك (حى على خير العمل) من الأذان ألا يقع حث عليها، ودعاء إليها " (٣) .

وسواء قال الإمام ذلك أو لم يقله، فهو طعن فى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتعصب جاهل لمبدأ دخيل، وإذا كانت الولاية خير العمل فلم لم يوضح ذلك الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وكيف حرم منها الصفوة الصافية من سلف المسلمين رضوان الله عليهم؟ وكيف أن عمر الفاروق يعلم بأن الولاية خير عمل فيقدم على أمر فيه مخالفة لله سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام؟

لقد ذكرنا من قبل أن الشيعة جميعهم ليس فيهم من يصل إلى مكانة عمر رضي الله عنه باعتراف أبى الأئمة على كرم الله وجهه، ولكن العداء للإسلام،


(١) انظر: الفصول المهمة ص ٨٩ ـ ٩٢.
(٢) انظر: نيل الأوطار ٢ / ١٩.
(٣) الحقائق جـ ٢ ص ١٤٥.

<<  <   >  >>