للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين وليس بشرط فيه (١) . وفرق بين إمام الجمعة الذى يصلى بالناس، وبين القاضى الذى يحتاج إلى سلطة مستمدة من الإمام لتنفيذ أحكامه.

وأما روايات الأئمة فإنها لا تزيد عن اشتراط الإمام الذى يخطب الناس يوم الجمعة، والأول نص على ذلك، وتفسير رواية الإمام على تحملها فوق ما تحتمل، ثم إنهم لا يشترطون للجمعة المصر، ولذا رفضوا الأخذ بهذه الرواية، وحملوها على التقية (٢) .

هذه الروايات إذن لا تنهض دليلاً على ما يزعمون، ولذا قال مؤلف " الروضة البهية " الذى تحدثنا عنه فى المقدة بأن إطلاق القرآن الكريم بالحث العظيم المؤكد بوجوه كثيرة، يضاف إليه النصوص المتضافرة على وجوب الجمعة بغير الشرط المذكور، بل فى بعضها ما يدل على عدمه (٣) .

واستدلالهم بالعقل لا يعنى وجوب الإمام المعصوم، بل إن أبا الأئمة نفسه لم يستطع أن يحسم مادة النزاع بين المسلمين، ويقطع ثائرة الفتنة، فكيف بمن جاءوا بعده ولا حول لهم ولا قوة؟ وهم لا يشترطون ذلك فى الحج، فأيهما أكثر مظنة للنزاع ومثاراً للفتن: اجتماع العدد القليل فى الجمعة، أم الجم الغفير فى موسم الحج؟ ثم إن هذا مبنى على الظن، وإن الظن لا يغنى عن الحق شيئا، ولا يقف دليلاً أمام نصوص القرآن الكريم، ولا الأحاديث الشريفة.

وقد ورد عن طريق أهل السنة أحاديث كثيرة (٤) ، منها أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " الجمعة على من سمع النداء "، وقال: " رواح الجمعة واجب على كل محتلم "، وقال أيضاً: " الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد


(١) انظر: المغنى ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٢) انظر: الاستبصار ١ / ٤٢٠.
(٣) انظر ص ٨٩ ـ جـ ١ من الكتاب المذكور.
(٤) انظر: نيل الأوطار جـ ٣: باب من تجب عليه ومن لا تجب ص ٢٧٦، وراجع ما يتصل بالجمعة فى الصحيحين، وكتب السنن.

<<  <   >  >>