للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا (٣٤).

هذا الحديث قطعة من حديث سيأتي قريبًا والكلام عليه، ومقصود البخاري منه ظاهر، وهو أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود:

حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد، حدثنا شيبان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يمليَّن في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف. وهذا إسناد صحيح (٣٥).

وقال أيضًا (٣٦): حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن عبد الله بن فضالة، قال: لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرًا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مُضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر ، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (٣٧)، وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (٣٨)، وقال تعالى: ﴿وَهَذَا لِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (٣٩)، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ (٤٠) الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.

ثم ذكر البخاري، ، حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله حين ينزل عليه الوحي. فذكر الحديث الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متضمخ (٤١) بطيب وعليه جبة، قال: فنظر رسول اللَّه ساعة ثم فجأه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أي: تعال، فجاء يعلى، فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: "أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟ " لم فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب.

وهذا الحديث رواه جماعة من طرق عديدة (٤٢)، والكلام عليه في كتاب الحج، ولا تظهر


(٣٤) - صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن برقم (٤٩٨٤).
(٣٥) - المصاحف (ص ١١). وعبد الملك بن عمير: قال الحافظ: ثقة، فصيح، عالم تغير حفظه، وربما دلس، وقال في التعريف: مشهور بالتدليس، وصفه به الدارقطني، وابن حبان وغيرهما. وقال ابن حبان. وكان مدلسًا. وذكره الذهبي في المدلسين، والعلائي والمقدسي والحلبي، وجعله الحافظ في المرتبة الثالثة من مرات المدلسين.
(٣٦) - المصاحف (ص ١١).
(٣٧) -[الزمر: ٢٨].
(٣٨) -[الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥].
(٣٩) -[النحل: ١٠٣].
(٤٠) -[فصلت: ٤٤].
(٤١) - تمضَّخ بالطيب: تلطخ به.
(٤٢) - البخاري في كتاب الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب، وكتاب العمرة =