للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزهري، به (٣٠).

ومعناه: أن اللَّه تعالى تابع نزول الوحي على رسوله شيئًا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه، ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١] فإنه استلبث الوحي بعدها حينًا يقال: قريبًا بن سنتين أو أكثر، ثم حَمي الوحي وتتابع، وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ (٣١).

الحديث الخامس: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال: سمعت جندبًا يقول: اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ (٣٢).

وقد رواه البخاري في غير موضع أيضًا، ومسلم والترمذي والنسائي من طرق أخر (٣٣)، عن سفيان -وهو الثوري- وشعبة بن الحجاج كلاهما عن الأسود بن قيس العبدي، عن جندب بن عبد اللَّه البجلي، به. وسيأتي الكلام على هذا الحديث في تفسير سورة الضحى إن شاء الله تعالى.

والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن: أن اللَّه تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة، حيث جعل الوحي متتابعًا عليه ولم يقطعه عنه؛ ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقًا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.

قال البخاري، : نزل القرآن بلسان قريش والعرب، ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري: أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية


(٣٠) - صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي وأول ما نزل برقم (٤٩٨٢)، وصحيح مسلم، كتاب التفسير برقم ٢ - (٣٠١٦). والنسائي في فضائل القرآن (٨).
(٣١) -[المدثر: ١، ٢].
(٣٢) - صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي وأول ما نزل برقم (٤٩٨٣). والآيات [الضحى: ١ - ٣].
(٣٣) - صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب: ترك القيام للمريض برقم (١١٢٥)، وانظر (٤٩٥٠، ٤٩٥١)، ومسلم في الجهاد والسير برقم ١١٤ - (١٧٩٧)، والترمذي في تفسير القرآن، باب: سورة الضحى برقم (٣٣٤٥)، وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٨١).