للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستمع لمراجعة النبي ومراجعة الأعرابي يقول: هلم شهيدًا يشهد أني بايعتك. قال خزيمة: أنا أشهد أنك [١] قد بايعته. فأقبل النبي على خزيمة فقال: "بمَ تشهد؟ " فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله شهادة خزيمة بشهادة رجلين.

وهكذا رواه أبو داود من حديث شعيب، والنسائي من رواية محمد بن الوليد الزبيدي، كلاهما عن الزهري به نحوه.

ولكن الاحتياط هو الإِشهاد، لما رواه الإِمامان: الحافظ أبو بكر بن مردويه، والحاكم في مستدركه (١٧٣٠)، من رواية معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة، عن فراس، عن الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي، ، قال: "ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل دفع مال يتيم قبل أن يبلغ، ورجل أقرض رجلًا مالًا فلم يُشْهِدْ".

ثم قال الحاكم: صحيح الإِسناد على شرط الشيخين. قال: ولم يخرجاه لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى، وإنما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإِسناد: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين".

وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ قيل: معناه لا يضار الكاتب ولا الشاهد فيكتب هذا خلاف ما يملى، ويشهد هذا بخلاف مما سمع أو يكتمها بالكلية. وهو قول الحسن وقتادة وغيرهما.

وقيل: معناه لا يضر بهما، كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أسيد بن عاصم، حدَّثنا الحسين -يعني ابن حفص- حدثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، في هذه الآية: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ قال: يأتي الرجل فيدعوهما إلى الكتاب والشهادة، فيقولان: إنا على حاجة. فيقول: إنكما قد أمرتما أن تجيبا. فليس له أن يضارهما.

ثم قال: وروي عن عكرمة، ومجاهد، وطاوس، وسعيد بن جبير، والضحاك، وعطية، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والسدي نحو ذلك.

وقوله: ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ أي: إن خالفتم ما أمرتم به أو فعلتم ما نهيتم عنه فإنه فسق كائن بكم، أي: لازم لكم لا تحيدون عنه ولا تنفكون عنه [٢].


(١٧٣٠) - المستدرك (٢/ ٣٠٢).