للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمزيد على العلم وهو المحاسبة على ذلك؛ ولهذا لما نزلت هذه الآية اشتد ذلك على الصحابة وخافوا منها ومن محاسبة الله لهم على جليل الأعمال وحقيرها، وهذا من شدة إيمانهم وإيقانهم.

قال الإِمام أحمد (١٧٣٥): حدثنا عفان، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثني أبو عبد الرحمن -يعني العلاء- عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لما نزلت على رسول الله، ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾ اشتد ذلك على أصحاب رسول الله، ، فأتوا رسول الله ثم جثوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله؛ كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت [١] عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال رسول الله : "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" فلما [أقرّ بها] [٢] القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيكَ الْمَصِيرُ﴾. فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله [٣]: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ إلى آخره [٤].

ورواه مسلم [] [٥] متفردًا [٦] به (١٧٣٦) من حديث يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر مثله، ولفظه: فلما [٧] فعلوا ذلك [٨] نسخها الله فأنزل ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال: نعم ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَينَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قال: نعم ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ قال: نعم ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال: نعم.


(١٧٣٥) - المسند (٢/ ٤١٢).
(١٧٣٦) - صحيح مسلم، كتاب الإيمان حديث (١٢٥).