للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم لعائن الله؟! وقد تقلب في الأحشاء، وتنقل من حال إلى حال، كما قال تعالى: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ [١] فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾.

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْويلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩)

يخبر تعالى أن في القرآن آياتٌ محكماتٌ، هن أم الكتاب، أي: بينات، واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من النَّاس، ومنه آيات آخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من النَّاس أو بعضهم، فمن ردّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده فقد اهتدى، ومن عكس انعكس، ولهذا قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا [٢] آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد.

وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه؛ فرُوي عن السلف عبارات كثيرة، فقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس [أنَّه قال] [٣]: المحكمات: ناسخه، وحلاله وحرامه، وأحكامه [٤] وحدوده وفرائضه، وما يؤمر به ويعمل به.

وكذا رُوي عن عكرمة، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس والسُّدى، أنهم قالوا: المحكم الذي يعمل به.


[١]- في خ: "هو العزيز الحكيم".
[٢]- في خ: "أشياء".
[٣]- سقط من خ.
[٤]- سقط من: ز.