للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبتغي تأويله ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ الآية، وأنْ يزداد [١] علمهم فيضيعوه، ولا يبالون عليه" غريب جدًّا.

وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه (٢١): حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن عمرو، حدثنا هشام بن عمار، أخبرنا ابن أبي حازم [٢]، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن ابن العاص، عن رسول الله، ، قال: "إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه منه [٣] فآمنوا به".

وقال عبد الرزاق (٢٢): أنبأنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: كان ابن عباس يقرأ: "وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون آمنا به". وكذا روي ابن جرير (٢٣)، عن عمر بن عبد العزيز، ومالك بن أنس: إنهم يؤمنون به، ولا يعلمون تأويله. وحكى ابن جرير أن في قراءة عبد الله بن مسعود: ﴿إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون [آمنا به] [٤]﴾. وكذا عن أبي بن كعب، واختار ابن جرير هذا القول (٢٤).

ومنهم من يقف على قوله ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾. وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول، وقالوا: الخطابُ بما لا يفهم بعيدٌ.

وقد روى ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله. وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: والراسخون في العلم يعلمون تأويله، ويقولون [٥]: آمنا به. وهكذا [٦] قال الربيع بن أنس.

وقال محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْويلَهُ﴾ الذي أراد ما أراد (﴿إلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ ثم ردوا تأويل المتشابهه على ما عرفوا من تأويل المحكمة، التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، فاتسق بقولهم الكتاب، وصدّق بعضه بعضًا، فنفذت [٧] الحجة، وظهر به العذر، وزاح به الباطل، ودفع به الكفر. وفي الحديث أن


(٢١) - ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٩) وعزاه إلى ابن مردويه وابن سعد، وابن الضريس في فضائله (حديث ٣١٥) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
(٢٢) - عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١١٦).
(٢٣) - ابن جرير في تفسيره (٦/ ٢٠٣ - شاكر) رقم (٦٦٣٠، ٦٦٣١).
(٢٤) - تفسير ابن جرير (٦/ ٢٠٤ - شاكر).