للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: علامة أستدل بها على وجود الولد مني ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾ أي: إشارة لا تستطيع النطق مع أنك سوى صحيح. كما في قوله: ﴿ثَلاثَ لَيَالٍ سَويًّا﴾ ثم أمر بكثرة الذكر والشكر والتكبير [١] والتسبيح في هذه الحال، فقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾. وسيأتي طرف آخر في بسط هذا المقام في أوّل سورة مريم إن شاء الله تعالى.

﴿وَإِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ (٤٢) يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)

هذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عن أمر الله لهم بذلك؛ أن الله قد اصطفاها، أي: اختارها، لكثرة عبادتها، وزهادتها، وشرفها، وطهارتها [٢] من الأكدار والوساوس [٣]، واصطفاها ثانيًا مرة بعد مرة؛ لجلالتها على نساء العالمين.

قال عبد الرزاق (١١٠): أنبأنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ قال: كان أبو هريرة يحدث عن رسول الله : "خير نساء ركبن الإبل نساء قريش؛ أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده، ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا قَطْ".


(١١٠) - في "مصنفه" (١١/ ٣٠٣) رقم (٢٠٦٠٣). وأخرجه مسلم في "صحيحه" كتاب فضائل الصحابة، حديث ٢٠١ - (٢٥٢٧). وأحمد في "مسنده" (٢/ ٢٦٩، ٢٧٥)، وابن حبان في "صحيحه" (١٤/ ١٦٥ - الإحسان) برقم (٦٢٦٨) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم في "صحيحه" كتاب فضائل الصحابة، حديث (٢٥٢٧/ ٢٠١)، وابن حجر في "تغليق التعليق" (٤/ ٣٥)، وابن حبان في "صحيحه" (١٤/ ١٦٣ - الإحسان) برقم (٦٢٦٧) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به. وعلقه البخاري في "صحيحه" كتاب الأنبياء، باب ﴿إذ قالت الملائكة يا مريم … ﴾ حديث (٣٤٣٤). قال: وقال ابن وهب: أخبرني يونس بنفس الإسناد السابق. وقال يإثره: تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي عن الزهري.
أما متابعة ابن أخي الزهري فوصلها ابن عدي في "الكامل" من طريق الدراوردي، حدثنا محمد بن =