للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم: "اقرآ"، فقرآ، فقال: "أصبتما". فلما قال لهما النبي الذي قال كبُر عليّ ولا إذا كنت في الجاهلية، فلما رأى الذي غشيني ضرب في صدري ففضت عرقًا، وكأنما أنظر إلى رسول الله فرقًا فقال: "يا أبيّ، إن ربي أرسل إليّ أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إليّ أن اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هوّن على أمتي، فأرسل إليّ أن اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها".

قال: "قلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليّ فيه الخلق حتى إبراهيم ". وهكذا رواه مسلم من حديث إسماعيل بن أبي خالد به.

وقال ابن جرير (١٠٧): حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن جده، عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله : "إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال: اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم ربّ خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شافٍ كافٍ".

وقال ابن جرير (١٠٨): حدثنا يونس عن ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعب، أنه قال: سمعت رجلا يقرأ في سورة النحل قراءة تخالف قراءتي، ثم سمعت آخر يقرؤها بخلاف ذلك، فانطلقت بهما إلى رسول اللَّه فقلت: إني سمعت هذين يقرآن في سورة النحل فسألتهما: من أقرأكما؟ فقالا: رسول الله ، فقلت: لأذهبن بكما إلى رسول الله إذ خالفتما ما أقرأني رسول الله ، فقال رسول الله لأحدهما: "اقرأ". فقرأ، فقال: "أحسنت" ثم قال للآخر: "اقرأ". فقرأ، فقال: "أحسنت". قال أبيّ: فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمر وجهي، فعرف ذلك رسول الله في وجهي، فضرب يده في صدري ثم قال: "اللهم أخسئ الشيطان عنه، يا أبيّ، أتاني آت من ربي فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب، خفف عن أمتي، ثم أتاني الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين فقلت: رب، خفف عن أمتي، ثم أتاني الثالثة، فقال مثل ذلك وقلت له مثل ذلك، ثم أتاني الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة، فقلت: يا رب، اللهم اغفر لأمتي، يا رب، اغفر لأمتي، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة". إسناده صحيح.

قلت: وهذا الشك الذي حصل لأبيّ في تلك الساعة هو، والله أعلم، السبب الذي لأجله


(١٠٧) - إسناده صحيح، والحديث في تفسير ابن جرير ٣١ - (١/ ٣٧).
(١٠٨) - تفسير ابن جرير ٣٨ - (١/ ٤١).