للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله . فقلت: كذبت، فإن رسول الله قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها! فقال رسول الله : "أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله : "كذلك أنزلت"، ثم قال: "اقرأ يا عمر"، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله : "كذلك أنزلت. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه".

وقد رواه الإمام أحكد والبخاري -أيضًا- ومسلم وأَبو داود والنَّسائي والتِّرمِذي من طرق عن الزهري (١٥٠).

ورواه الإمام أحمد -أيضًا- عن ابن مهدي، عن مالك، عن الزُّهْريّ، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر، فذكر الحديث بنحوه (١٥١).

وقال الإمام أحمد (١٥٢): حدَّثنا عبد الصمد، حدَّثنا حرب بن ثابت، حدَّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبييه، عن جده قال: قرأ رجل عند عمر فغير عليه فقال: قرأت على رسول الله فلم يغير عليَّ قال: فاجتمحا عند النبي ، فقرأ الرجل على النبي فقال له: "قد أحسنت". قال: فكأن عمر وجد من ذلك، فقال رسول الله : "يا عمر، إن القرآن كله صواب، مما لم يُجعل عذابٌ مغفرةً أو مغفرةٌ عذابًا".

وهذا إسناد حسن. وحرب بن ثابت هذا يكنى بأبي ثابت، لا نعرف أحدًا جرحه.

وقد اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال: قال أَبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي المالكي في مقدمات تفسيره: وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلانين قولا، ذكرها أَبو حاتم محمد بن حبان البستي، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.


(١٥٠) - المسند (١/ ٢٤)، والبخاري في الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض برقم (٢٤١٩)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها برقم ٢٧٠ - (٨١٨)، وأبو داود في الصلاة، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف برقم (١٤٧٥)، والتِّرمِذي في القراءات، باب: القرآن نزل على سبعة أحرف برقم (٢٩٤٣)، والنَّسائي في الافتتاح (٢/ ١٥٠).
(١٥١) - المسند (١/ ٤٠).
(١٥٢) - المسند ١٦٤١٨ - (٤/ ٣٠). وحرب بن ثابت ذكره في التعجيل (١/ ٤٣٨) وقال نقلًا عن الحسيني: وثقه ابن حبان.