للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهب إلى هذا القول أَبو عبيد، واختاره ابن عطية. قال أَبو عبيد: وبعض اللغات، أسعدُ به من بعض، وقال القاضي البلاقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه نزات بلسان قريش، أي: معظمه، ولَم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًا﴾ (١٥٧)، ولم يقل: قرشيا. قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل واحدا، ويعنى حجازها ويمنها، وكذلك قال الشيخ أَبو عمر بن عبد البر، قال: لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشًا لا تهمز، وقال ابن عطية: قال ابن عبَّاس، ما كنت أدري ما معنى: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [فاطر: ١] حتَّى سمعت أعرابيًّا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.

القول الثالث: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف، قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجة وغيره.

القول الرابع - وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء -: أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ (١٥٨)، و "يَضِيقُ"، منها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَينَ أَسْفَارِنَا﴾ (١٥٩) و"باعد بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: ﴿نُنْشِزُهُا﴾ (١٦٠)، و"نَنشُزُها"، أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل: هو ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ (١٦١)، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة [واختلاف المعنى، مثل ﴿﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾ (١٦٢) " وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: هو ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ (١٦٣). أو "سكرة الحق الموت" أو بالزِّيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، وأما الغلام كان كافرًا وكان أَبواه مؤمنين]. ﴿فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم﴾ (١٦٤).

القول الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهى، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضًا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال، ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثًا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة


(١٥٧) -[يوسف:٢].
(١٥٨) -[الشعراء: ١٣].
(١٥٩) -[سبأ:١٩].
(١٦٠) -[البقرة: ٢٥٩].
(١٦١) -[القارعة ٥].
(١٦٢) -[الواقعة: ٢٩].
(١٦٣) -[ق: ١٩].
(١٦٤) -[النور: ٣٣].