للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للخروج، وأنشدها معي إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة، وفي رواية سنة سبع وسبعين ومائة:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا … لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب خدّه بدموعه … فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل … فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا … وهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا … قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي وغبار خيل الله في … أنف امريء ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بيننا … ليس الشهيد بميت لا يكذب

قال فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني. ثم قال: أنت ممن يكتب الحديث؟ قال: قلت: نعم، قال: فاكتب هذا الحديث، كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا، وأملى علي الفضيل بن عياض: حدثنا منصور بن المعتمر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أن رجلًا قال: يا رسول الله؛ علمنى عملًا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله. فقال: "هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر، وتصوم فلا تفطر؟ " فقال: يا رسول الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك. ثم قال النبي : " فوالذي نفسي بيده، لو طوّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله، أوما علمت أن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات"؟.

وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أي: في جميع أموركم وأحوالكم، كما قال النبي لمعاذ، حين بعثه إلى اليمن: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" (٦١٥).

﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أي: في الدنيا والآخرة- وقال ابن جرير (٦١٦)؛ حدثني يونس، أنبأنا


= حدثه قال: "جاء رجل إلى رسول الله فقال: دُلَّنى على عملٍ يعدل الجهاد. قال: لا أجده. قال: هل تستطع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟ قال أبو هريرة: إن فرس المجاهد ليستنُّ في طوله، فيكتب له حسناتٍ وقد أخرجه النسائي في "الكبرى" (٣/ ٤٣٣٦) وأحمد في مسنده (٢/ ٣٤٤) وابن أبي عاصم في "الجهاد" (١ / رقم ٢٧) وتمام في فوائده (٣/ ٨٤١) وغيرهم من طرق عن عفان بن مسلم به، ولم أجد هذا الحديث من طريق الفضيل بن عياض في غير هذا الموضع، والله أعلم.
(٦١٥) - يأتي تخريجه سورة هود / آية ١١٤.
(٦١٦) - تفسير ابن جرير (٧/ ٨٣٩٩) وأبو صخر هو حميد بن زياد بن أبي المخارق ضعفه ابن معين=