للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها؟ قال: هو سواء. وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها.

وقال ابن جرير [١] (٢٢١): وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأة لا تحرم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها، أو قبل النظر إلى فرجها بشهوة؛ ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.

وقوله تعالى: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ أي: وحرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم يحترز بذلك عن الأدعياء، الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية، كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَي لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ الآية.

وقال ابن جريج: سألت عطاء عن قوله: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ قال: كنا نحدّث والله أعلم أن النبي لما نكح امرأة زيد فقال المشركون بمكة في ذلك، فأنزل الله ﷿: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ ونزلت: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ ونزلت: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾.

وقال ابن أبي حاتم (٢٢٢): حَدَّثَنَا أَبو زرعة، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر المقدمي، حَدَّثَنَا خالد [٢] بن الحارث، عن الأشعث، عن الحسن بن محمد، أن هؤلاء الآيات مبهمات: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾ ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾. ثم قال: وروي عن طاووس وإبراهيم والزهري ومكحول نحو ذلك.

(قلت): معنى مبهمات: أي عامّة في المدخول بها وغير المدخول، فتحرم بمجرَّد العقد عليها، وهذا متفق عليه.

فإن قيل: فمن أين تحرم امرأة ابنه من الرضاعة كما هو قول الجمهور، ومن الناس من يحكيه إجماعًا وليس من صلبه؟ فالجواب من قوله "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (٢٢٣).

وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَينَ الْأُخْتَينِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ الآية. أي: وحرَّم عليكم الجمع


(٢٢١) - في تفسيره (٨/ ١٤٨).
(٢٢٢) - في تفسيره (٣/ ٩١٣) (٥٠٩٥).
(٢٢٣) - سبق تخريجه؛ انظر حاشية (٢٠٦).