للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[يعني في رواية تقرير] [١] الحد الحقيقي هو جلد البكر مائة، ورجم الثيب أو اللائط. والله أعلم.

[وقد روى ابن جرير] [٢] في تفسيره (٢٥٩): حَدَّثَنَا ابن المثنى، حَدَّثَنَا محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن عمرو [٣] بن مرة، أنه سمع سعيد بن جبير يقول: لا تضرب الأمة إذا زنت ما لم تتزوج.

وهذا إسناد صحيح عنه، ومذهب غريب إن كان أراد أنها لا تضرب الأمة أصلًا لا حدًّا، وكأنه أخذ بمفهوم الآية ولم يبلغه الحديث، وإن أراد أنها لا تضرب حدًّا ولا ينفي ضربها تأديبًا، فهو كقول ابن عباس ومن تبعه في ذلك. والله أعلم.

(الجواب الثالث): أن الآية دلت على أن الأمة المحصنة تحد نصف حدّ الحرة، فأما قبل الإحصان فعمومات الكتاب والسنة شاملة لها في جلدها مائة، كقوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ ولحديث عبادة بن الصامت: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهنّ سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب [٤] جلد مائة ورجمها بالحجارة". والحديث في صحيح مسلم (٢٦٠)، وغير ذلك من الأحاديث.

وهذا القول هو المشهور عن داود بن علي الظاهري، وهو في غاية الضعف؛ لأن الله تعالى إذا كان أمر بجلد المحصنة من الإماء بنصف ما على الحرة من العذاب وهو خمسون جلدة، فكيف يكون حكمها قبل الإحصان أشد منه بعد الإحصان، وقاعدة الشريعة في ذلك عكس ما قال، وهذا الشارع سألة أصحابه عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: "اجلدوها"، [ولم يقل مائة] [٥]، فلو كان حكمها كما زعم [٦] داود لوجب بيان ذلك لهم، لأنهم إنما سألوا عن ذلك لعدم بيان حكم جلد المائة بعد الإحصان في الإماء وإلا [فما الفائدة] [٧] في قولهم. ولم تحصن لعدم الفرق بينهما لو لم تكن الآية نزلت، لَكن لما علموا


(٢٥٩) - تفسير ابن جرير (٨/ ٢٠٢) (٩١٠٤).
(٢٦٠) - صحيح مسلم، كتاب الحدود (١٦٩٠)، وقد سبق تخريجه: انظر: حاشية (١٤٨) وما بعدها.