للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحد الحكمين سألوا عن الآخر فبينه لهم، كما في الصحيحين (٢٦١). أنهم لما سألوه عن الصلاة عليه [١] فذكرها لهم ثم قال: "والسلام ما قد علمتم".

وفي لفظ: لما أنزل الله قوله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ قالوا: هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ وذكر الحديث. وهكذا هذا السؤال.

(الجواب الرابع عن مفهوم الآية) جواب أبي ثور فإن من مذهبه ما هو أغرب من قول داود من وجوه، وذلك أنه يقول: فإذا أحصن فإن عليهن نصف ما على المحصنات المزوجات وهو الرجم وهو لا يتناصف فيجب أن ترجم الأمة المحصنة إذا زنت، وأما قبل الإحصان فيجب جلدها خمسين. فأخطأ في فهم الآية، وخالف الجمهور في الحكم، بل قد قال أبو عبد الله الشافعي : ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوك في الزنا (٢٦٢)؛ وذلك لأن الآية دلت على أن عليهن نصف ما على المحصنات من العذاب، والألف واللام في المحصنات للعهد، وهنّ [٢] المحصنات المذكورات في أول الآية: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ [٣]﴾ والمراد بهن الحرائر فقط من غير تعرض لتزويج غيره. وقوله: ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ يدل على أن المراد من العذاب الذي يمكن تنصيفه وهو الجلد لا الرجم. والله أعلم.

وقد روى الإمام أحمد [حديثًا في رد مذهب أبي ثور] [٤] من رواية الحسن بن سعد، عن أبيه، أن صفية كانت قد زنت برجل من الخمس فولدت غلامًا، فادعاه الزاني، فاختصما إلى عثمان، فرفعهما إلى علي بن أبي طالب، فقال علي: أقضي فيهما بقضاء رسول الله : "الولد للفراش، وللعاهر الحجر". وجلدها [٥] خمسين خمسين (٢٦٣).


(٢٦١) - أخرجه مسلم في كتاب الصلاة (٤٠٥) من حديث نُعَيْم المُجْمِر، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعًا. من هذا اللفظ قد انفرد به مسلم عن البخاري.
(٢٦٢) - معرفة السنن والآثار (٦/ ٣٦٢).
(٢٦٣) - أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ١٠٤) (٨٢٠): عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن حجاج بن أرطاة، عن الحسن بن سعد بن معبد عن أبيه، عن علي بن أبي طالب مرفوعًا، وابن أرطاة -كما قال ابن علي- إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وغيره، وربما أخطأ في بعض الروايات، فأما أن يتعمد الكذب فلا ا هـ. =