عبد الرحمن، [حدثني أبي][١]، حدّثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر يعني ابن أبي المغيرة، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس في الآية [٢] ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾، قال: أتت امرأة إلى [٣] النَّبيُّ ﷺ فقالت: يا رسول الله للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين برجل، أفنحن في العمل هكذا، إن عملت [٤] امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة؟ فأنزل الله هذه الآية: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا﴾ الآية فإنَّه عدل مني وأنا صنعته.
وقال السدي قوله:[٥] ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾: [إن رجالاً [٦] قالوا: إنا نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف مثل أجر النساء، كما لنا في السهام [٧] سهمان. وقالت النساء: إنا نريد أن يكون لنا أ جر مثل أجر الرجال الشهداء؛ فإنا لا نستطع أن نقاتل، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا، فأبى الله ذلك، ولكن قال لهم: سلوني من فضلي، قال: ليس بعرض الدُّنيا.
وقد روي عن قتادة نحو ذلك، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ قال [٨]: ولا يتمنى الرجل فيقول: ليت لو أن لي مال فلان وأهله، فنهى الله عن ذلك ولكن ليسأل الله من فضله.
وكذا [٩] قال [الحسن و] محمَّد بن سيرين [وعطاء، والضَّحَّاك] نحو هذا [١٠]، وهو الظاهر من الآية، ولا يرد على هذا ما ثبت [١١] في الصَّحيح (٣٥٤): " لا حسد إلَّا في اثنتين؛ رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، فيقول رجل: لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثله، فهما في الأجر سواء". فإن هذا شيء غير ما نهت [عنه الآية]، وذلك أن الحديث حض [١٢] على تمني مثل نعمة هذا، والآية نهت عن تمني عين نعمة هذا،