للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشهد لصحة ما قاله يزيد بن أبي حبيب ما [١] ثبت في صحيح البخاري (٤٥٨)، أن رسول الله قال: "سدوا كل خوخه في المسجد إلا خوخة أبي بكر".

وهذا قاله في آخر حياته علمًا منه أن أبا بكر سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيرًا للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه ، ومن روى إلا باب على (٤٥٩)، كما وقع في بعض السنن، فهو خطأ، والصواب [٢] ما ثبت في الصحيح. ومن هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب اللبث [٣] في المسجد، ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضا في معناه، إلا أن بعضهم قال: يحرم [٤] مرورهما [٥]؛ لاحتمال التلويث. ومنهم


(٤٥٨) - صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب: الخَوْخَة والمَمَرِّ في المسجد (٤٦٧) من حديث ابن عباس وبنحوه (رقم ٤٦٦) من حديث أبي سعيد الخدرى.
(٤٥٩) - كذا خطَّأ المصنف هذه الرواية هنا مع أنه أورده فى كتابه "البداية والنهاية" (٧/ ٣٧٩) من حديث زيد بن أرقم والبراء بن عازب وابن عباس وسعد بن أبي وقاص برواية "إلا باب على" ثم قال: "وهذا لا ينافى ما ثبت في صحيح البخاري من أمره في مرض الموت بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا باب أبي بكر الصديق؛ لأن نفى هذا في حق علىّ كان في حال حياته لاحتياج فاطمة إلى المرور من بيتها إلى بيت أبيها، فجعل هذا رفقًا بها، وأما بعد وفاته فزالت هذه الملة فاحتيج إلى فتح باب الصديق لأجل خروجه إلى المسجد ليصلى بالناس إذ كان الخليفة عليهم بعد موته ، وفيه إشارة إلى خلافته … " وقد ذكر ابن حجر الحديث في "الفتح" (٧/ ١٤، ١٥) من مسند المذكورين آنفًا حاشا البراء، غير أنه زاده من رواية جابر بن سمرة وابن عمر، ثم قال: "وهذه الأحاديث يقوى بعضها بعضًا وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلًا عن مجموعها" وقد أورد ابن الجوزى هذا الحديث في "الموضوعات" (١/ ٣٦٣ - ٣٦٧) أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص وزيد بن أرقم وابن عمر مقتصرًا على بعض طرقه عنهم، وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته، وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعله أيضًا بأنه "مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر، وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر" وأخطأ في ذلك خطأ شنيعًا فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة، مع أن الجمع بين القصتين ممكن، وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال: ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة على، وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدرى -يأتى هنا برقم (٤٦٦) - … والمعنى أن باب على كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته =