للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي نصره هو قول الجمهور، وهو الظاهر من الآية، وكأنه تعالى نهى عن تعاطي الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها، وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة وهي الجنابة المباعدة للصلاة و [١] لمحلها أيضًا، والله أعلم.

وقوله: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي، أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل، أو يتيمم إن عدم الماء أو لم يقدر على استعماله بطريقة، وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد، لما روى هو وسعيد بن منصور في سننه بسند صحيح: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك.

[قال سعيد بن منصور] [٢] [في سننه] [٣]: حدّثنا عبد العزيز بن محمد -هو الدراوردي- عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: رأيت رجالاً [٤] من أصحاب رسول الله يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة. وهذا إسناد صحيح [٥] على شرط مسلم، فالله أعلم.

وقوله: ﴿وَإِنْ [٦] كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ أما المرض المبيح للتيمم، فهو الذي يخاف معه من استعمال الماء فوات عضو، أو [٧] شينه [٨]، أو تطويل البرء، ومن العلماء من جوز التيمم بمجرد المرض؛ لعموم الآية، وقال ابن أبي حاتم (٤٦٨): حدثنا أبي، حدثنا أبو غسان مالك ابن إسماعيل، حدثنا قيس، عن خصيف، عن مجاهد، في قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ قال: نزلت في رجل من الأنصار كان مريضًا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ؛ ولم يكن له خادم فيناوله، فأتى النبي فذكر ذلك له، فأنزل الله هذه الآية.

هذا مرسل، والسفر معروف، ولا فرق فيه بين الطويل والقصير.


(٤٦٨) - تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٥٣٦٥) وهو مرسل وفى إسناده ضعف، فإن خصيفًا وهو ابن عبد الرحمن الجزرى تركه جماعة وحدث عنه آخرون، وفى"التقريب": "صدوق سئ الحفظ خَلَطَ بآخره .. " والخبر زاد نسبته السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٢٩٦) إلى ابن المنذر.