شريح بن عبيد، قال: لما تلا رسول الله ﷺ هذه الآية: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية [١]، أشار رسول الله ﷺ بيده إلى عبد الله بن رواحة [فقال:"لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل" يعني ابن رواحة] [٢].
ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ﴾ أي: ولو أنهم فعلوا ما يؤمرون به، وتركوا ما ينهون عنه ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ أي: من مخالفة الأمر وارتكاب النهي. ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ قال السدي. أي: وأشد تصديقًا ﴿وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا﴾ أي: من عندنا] [٣] ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ يعني: الجنة ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أي: في الدنيا والآخرة.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ أي: من عمل بما أمره الله به [٤] ورسوله، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله، فإن الله ﷿ يسكنه دار كرامته، ويجعله مرافقًا للأنبياء، ثم من بعدهم في الرتبة وهم الصديقون، ثم الشهداء، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم.
ثم أثنى عليهم تعالى، فقال: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾.
و [٥] قال البخاري (٦٠١): حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة". وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته [٦] بحة شديدة، فسمعته يقول: ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ فعلمت أنه خُيِّر.
وكذا رواه مسلم من حديث شعبة عن سعد بن إبراهيم - به.
(٦٠١) - صحيح البخارى: كتاب: التفسير، باب: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ﴾ (٤٥٨٦) وكذا رواه فى كتاب المغازى، باب: مرض النبى ﷺ ووفاته (٤٤٣٥) [وانظر أطرافه ثمة] ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب: فى فضل عائشة ﵂ (٨٦) (٢٤٤٤)، وأحمد (٦/ ١٧٦، ٢٠٥، ٢٦٩) والنسائى فى "عمل اليوم والليلة" (١٠٩٤)، وابن ماجة (١٦٢٠) من طريق شعبهْ عن سعد بن إبراهيم به.