يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد، وتكثير العدد بالنفير في [سبيل الله][١].
﴿ثُبَاتٍ﴾ أي: جماعة بعد جماعة، وفرقة بعد فرقة، وسرية بعد سرية، والثبات جمع ثبة، وقد تجمع الثبة على ثبين.
قال على بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ﴾ أي: عصبا، يعني سرايا متفرقين. ﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ يعني كلكم.
وكذا روي عن مجاهد: عكرمة والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان وخصيف الجزري.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ﴾ قال مجاهد وغير واحد: نزلت في المنافقين.
و [٢] قال مقاتل بن حيان: ﴿لَيُبَطِّئَنّ﴾ أي: ليتخلفن عن الجهاد.
ويحتمل أن يكون المراد أنه يتباطأ هو فى نفسه ويبطئ غيره عن الجهاد، كما كان عبد الله ابن أبي ابن سلول قبحه الله يفعل، يتأخر عن الجهاد، ويثبط الناس عن الخروج فيه، وهذا قول ابن جريج وابن جرير، ولهذا قال تعالى إخبارا عن المنافق: إنه يقول إذ تأخر عن الجهاد: ﴿فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ﴾ أي: قتل وشهادة وغلب العدو لكم لما لله في ذلك من الحكمة ﴿قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا﴾ أي: إذ لم أحضر معهم وقعة القتال، يعد ذلك من نعم الله عليه، [ولم يدر][٣] ما فاته من الأجر في الصبر أو الشهادة إن قتل.
﴿وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: نصر وظفر وغنيمة ﴿لَيَقُولَنَّ [٤] كَأَنْ لَمْ تَكُنْ [٥] بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾ أي: كأنه ليس من أهل دينكم ﴿يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أي: بأن يضرب لي بسهم معهم فأحصل عليه، وهو أكبر قصده وغاية مراده.
ثم قال تعالى: ﴿فَلْيُقَاتِلْ﴾ أي: المؤمن النافر ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا