للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ﴾ الآيات.

قال ابن أبي حاتم (٦٢٠): حدّثنا على بن الحسين، حدّثنا محمَّد بن عبد العزيز بن [١] أبي رزمة وعلى بن زنجة؛ قالا: حدّثنا على بن الحسن، عن الحسين بن واقد [٢]، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابًا له أتوا النَّبيُّ بمكة فقالوا: يا نبي الله، كُنَّا في عز [٣] ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة قال: "إنِّي أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا القوم". فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال، فكفوا، فأنزل الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ الآية.

ورواه النَّسائيّ والحاكم وابن مردويه من حديث على بن الحسن بن شقيق، به.

وقال أسباط، عن السدي: لم يكن عليهم إلَّا الصَّلاة والزكاة، فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال، فلما كتب [٤] عليهم القتال ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ وهو الموت. قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾.

وعن مجاهد: أن هذه الآيات نزلت في اليهود. رواه ابن جرير (٦٢١).

وقوله: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾ أي: آخرة المتقي خير من دنياه.

﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ أي: من أعمالكم، بل توفونها أتم الجزاء. وهذه تسلية لهم عن الدُّنيا، وترغيب لهم في الآخرة، وتحريض لهم على الجهاد.

وقال ابن أبي حاتم (٦٢٢): حدّثنا أبي، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا


(٦٢٠) - تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٥٦٣٠) ورواه النسائى في فاتحة كتاب الجهاد من "السنن الصغرى" (٦/ ٢، ٣) وفي "التفسير" عن "الكبرى" (٦/) وابن جرير (٨/ ٩٩٥١) والحاكم (٢/ ٦٦ - ٦٧، ٣٠٧) - وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١١) - والواحدى في "أسباب النزول" (٣٣٩) كلهم من طريق عليّ بن الحسن به، وقال الحاكم: "صحيح على شرط البُخاريّ" ووافقه الذَّهبيّ، والحسين بن واقد إنما أخرج له البُخاريّ تعليقًا وهو ثقة.
(٦٢١) - تفسير ابن جرير (٨/ ٩٩٥٥).
(٦٢٢) - تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٥٦٣٥) وإسناده صحيح، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٣٢٩) إلى ابن المنذر وأبى الشَّيخ.