للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال أبو بكر بن أبي شيبة (٧٤٢): حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل تاجر، أختلف إلى البحرين، فأمره أن يصلي ركعتين. وهذا مرسل.

ومن قائل: يكفي مطلق السفر، سواء كان مباحًا أو محظورًا، حتى لو خرج لقطع الطريق وإخافة السبيل، ترخص لوجود مطلق السفر. وهذا قول أبي حنيفة [] [١] والثوري وداود لعموم الآية وخالفهم الجمهور.

وأمّا قول تعالى: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فقد يكون هذا خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية، فإنّ في مبدأ الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة، بل ما كانوا ينهضون إلا إلى غزو عام، أو سرية خَاصة، وسائر الأحياء [٢] حرب للإسلام وأهله، والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب أو على حادثة، فلا مفهوم له، كقوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ وكقوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ﴾ الآية.

وقد [٣] قال الإِمام أحمد (٧٤٣): حدثنا ابن إدريس، حدثنا ابن جريج، عن ابن [٤] أبي عمار، عن عبد الله بن بابيه، عن يعلى بن أمية قال: سألت عمر بن الخطاب، قلت [] [٥]: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وقد أمن [] [٦] الناس، فقال لي عمر بن الخطاب : عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله أصلى الله عليه: سلم، عن ذلك] [٧] فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته".


(٧٤٢) - رواه ابن أبي شيبة فى "المصنف" (٢/ ٣٣٦)، وهذا منقطع، وإبراهيم هو ابن زيد النخعى، وقد أورد هذا الخبر السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٧٢) ولم يعزه لغير ابن أبي شيبة.
(٧٤٣) - " المسند" (١/ ٢٥)، ورواه أيضًا (١/ ٣٦)، ومسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة المسافرين (٦٨٦)، وأبو داود، باب: صلاة المسافر (١١٩٩، ١٢٠٠)، والترمذى، كتاب: تفسير القرآن (٣٠٣٤)، والنسائى، فاتحة كتاب تقصير الصلاة (٣/ ١١٦، ١١٧)، وابن ماجه، باب: تقصير الصلاة فى السفر (١٠٦٥) من طرق عن ابن جريج به.