وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ أي: في سائر أحوالكم [١].
ثم قال تعالى: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ أي: فإذا أمنتم وذهب الخوف، وحصلت الطمأنينة ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ أي: فأتموها، وأقيموها كما أمرتم بحدودها، وخشوعها، وركوعها وسجودها، وجميع شئونها.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ قال ابن عباس: أي: مفروضًا، [وقال أيضًا: إن للصلاة وقتًا كوقت الحج][٢]، وكذا روي عن مجاهد وسالم ابن عبد الله، وعلى بن الحسين، ومحمد بن علي، والحسن، ومقاتل والسدي وعطية العوفي.
قال عبد الرزاق (٧٨٠)، عن معمر، عن قتادة: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ قال ابن مسعود: إن للصلاة وقتًا [٣] كوقت الحج.
وقال زيد بن أسلم: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ فال: منجمًا كلما مضى نجم جاء نجم، يعني: كلما مضى وقت جاء وقت.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ أي: لا تضعفوا في طلب عدوكم، بل جدوا فيهم، وقاتلوهم، واقعدوا لهم كل مرصد، ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ أي: كما يصيبكم الجراح والقتل، كذلك يحصل لهم، كما قال تعالى: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ أي: أنتم وإياهم سواء فيما يصيبكم وإياهم من الجراح والآلام، ولكن أنتم ترجون من الله المثوبة والنصر والتأييد، [كما وعدكم إياه في كتابه، وعلى لسان رسوله وهو وعد حق، وخبر صدق][٤]، وهم لا يرجون شيئًا من ذلك، فأنتم أولى بالجهاد منهم، وأشدّ رغبة [فيه، و][٥] في إقامة كلمة الله وإعلائها.
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أي: هو أعلم وأحكم فيما يقدره ويقضيه وينفذه ويمضيه من
(٧٨٠) - تفسير عبد الرزاق (١/ ١٧٢)، ومن طريقه رواه ابن جرير (٩/ ١٠٣٩٧) وابن أبى حاتم (٤/ ٥٩١٨)، وذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٨٠) وزاد عزوه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.