للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى قوله: ﴿وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

ولا شك أن هذه الآية معناها ظاهر، وأما تفسيره الآية الأولى بهذا ففيه نظر؛ فإن قوله: ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾، ظاهر في حضور الخير في الدنيا والآخرة، أي: بيده هذا وهذا، فلا يقتصرنّ قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط، بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع، وهو الله الذى [١] لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والآخرة، وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا، وممن يستحق هذا. ولهذا قال: ﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٣٥)

يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوّامين بالقسط، أي: بالعدل فلا يعدلوا [٢] عنه يمينًا ولا شمالًا، [أن لا] [٣] يأخذهم [٤] في الحقِّ [٥] لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه.

وقوله: ﴿شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾، كما قال: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ أي: [ليكن أداؤها] [٦] ابتغاء وجه الله، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقًّا خالية من التحريف والتبديل والكتمان، ولهذا قال: ﴿وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك، وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه؛ وإن [٧] [كان مضرةً] [٨] عليك، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجًا ومخرجًا، من كل أمر يضيق عليه.

وقوله: ﴿أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ أي: وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فلا


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز: "تعدلوا".
[٣]- في خ: "لا".
[٤]- في خ: "تأخذهم".
[٥]- في ت: "الله".
[٦]- ما بين المعكوفتين في ت: "أدوها".
[٧]- في خ: "ولو".
[٨]- ما بين المعكوفتين في ت: "عادت مضرته".