للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تراعهم فيها؛ بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم؛ فإن الحق حاكم على كل أحد، [وهو مقدم على كل أحد] [١].

وقوله: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾ أي: لا ترعاه لغناه، ولا تشفق عليه لفقره، الله يتولاهما، بل هو أولى بهما منك، وأعلم بما فيه صلاحهما.

وقوله: ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ أي: فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغضة [٢] الناس [] [٣] إليكم على ترك العدل في أموركم وشئونكم، بل الزموا العدل على أي حال كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾.

ومن هذا القبيل [٤] قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي، ، يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلى، ولأنتم أبغض إلى من أعدادكم من القردة والخنازير، وما [٥] يحملني حبي إياه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض. وسيأتي الحديث مسندًا في سورة المائدة (٨٦٤)، إن شاء الله تعالى.

وقوله: ﴿وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا﴾ قال مجاهد وغير واحد من السلف: ﴿تَلْوُوا﴾ أي: تحرفوا الشهادة وتغيروها، واللي: هو التحريف وتعمد الكذب، قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ﴾ الآية. والإعراض هو: كتمان الشهادة وتركها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾. وقال النبي، : "خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها" (٨٦٥). ولهذا توعدهم الله بقوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ أي: وسيجازيكم [٦] بذلك.


(٨٦٤) - يأتى تخريجه (سورة المائدة).
(٨٦٥) - رواه مسلم (١٩) (١٧١٩)، وأبو داود (٣٥٩٦)، والترمذى (٢٢٩٥، ٢٢٩٧)، والنسائى فى "الكبرى" (٣/ ٦٠٢٩)، واين ماجه (٢٣٦٤)، وأحمد (٥/ ١١٥، ١٣٢، ١٩٣) من حديث زيد بن خالد الجهنى.