للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخبر تعالى عمن دخل في الإِيمان، ثم رجع عنه، ثم عاد فيه، ثم رجع واستمرّ على ضلاله، وازداد حتى مات، فإنه لا توبة بعد موته. ولا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجًا ولا مخرَجًا، ولا طريقًا إلى الهدى؛ ولهذا قال: ﴿لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا﴾.

قال ابن أبي حاتم (٨٦٦): حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا حفص بن جميع، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾، قال: تمموا [١] على كفرهم حتى ماتوا، وكذا قال مجاهد.

وروى ابن أبي حاتم (٨٦٧) من طريق جابر المعلى، عن عامر الشعبي، عن علي، ، أنه قال: يستتاب المرتد ثلاثًا ثم تلا هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾ ثم قال: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ يعني: أن المنافقين من هذه الصفة، فإنهم آمنوا ثم كفروا فطبع الله [٢] على قلوبهم، ثم وصفهم بأنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، بمعنى أنهم معهم في الحقيقة يوالونهم ويسرون اليهم بالمودَّة، ويقولون لهم إذا خلوا بهم: إنما نحن معكم، إنما نحن مستهزئون. أي: بالمؤمنين في إظهارنا لهم الموافقة؛ قال الله تعالى منكرًا عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين: ﴿أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ﴾.

ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها لله [٣] وحده لا شريك له، ولمن جعلها له، كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.


(٨٦٦) - تفسير ابن أبى حاتم (٤/ ٦١١٤)، ولم يعزه السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤١٥) لغيره، وحفص بن جميع ضعيف، ورواية سماك عن عكرمة مضطربة. كما قال ابن المدينى وغيره.
(٨٦٧) - تفسير ابن أبى حاتم (٤/ ٦١١٠) من طريق شريك عن جابر به، ورواه ابن جرير (٩/ ١٠٧٠٥) من طريق سفيان عن جابر به، وجابر هو الجعفى ضعيف، ورواه ابن جرير (٩/ ١٠٧٠٤) من طريق أشعث بن سوار عن الشعبيّ به. وأشعث ضعيف أيضًا، والشعبى لم يسمع إلا أحرفًا يسيرة من على، والخبر لم يعزه السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤١٥).