صورة عيسى، فأخذوه وقتلوه [١] وصلبوه. فمن ثم شبه لهم، فظنوا أنهم قد قتلوا عيسى، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى؛ ورفع الله عيسى من يومه ذلك.
وهذا سياق غريب جدًا.
قال ابن جرير (٩١٢): وقد روي عن وهب نحو هذا القول، وهو ما حدثنى به [٢] المثنى، حدثنا إسحاق، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهبًا يقول: إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه، فدعا الحواريين فصنع [٣] لهم طعامًا، فقال: احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه، فقال: ألا من رد على شيئًا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه فأقروه، حتى إذا فرغ من ذلك قال: أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام وغسلت أيديكم بيدي فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أني خيركم، فلا يتعظم [٤] بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم نفسه لبعض كما بذلت نفسيٍ لكم، وأما حاجتي الليلة التي أستعينكم [٥] عليها [٦] فتدعون لي الله وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي. فلما نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا، فأخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم [٧]، ويقول: سبحان الله! أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها؟ قالوا [٨]: والله ما ندري ما لنا؛ لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرًا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه، فقال: يُذهب بالراعي [٩] وتفرق الغنم. وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به [١٠] نفسه. ثم قال [١١]: الحق، ليكفرنَّ بى أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات، وليبيعنى أحدكم بدراهم يسيرة، وليأكلن [١٢] ثمني. فخرجوا وتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه، فأخذوا شمعون أحد الحواريين، وقالوا:
(٩١٢) - تفسير الطبرى (٩/ ٣٦٨، ٣٦٩) (١٠٧٨٠) وذكره السيوطى فى الدر المنثور (٢/ ٤٢٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد.