للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا من أصحابه، فجحد، وقال: ما أنا بصاحبه؛ فتركوه. ثم أخذه آخرون فجحد كذلك، ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا [١] له ثلاثين درهمًا، فأخذها ودلهم عليه، وكان شبه عليهم قبل ذلك، فأخذوه فاستوثقوا منه، وربطوه بالحبل، وجعلوا يقودونه ويقولون له [٢]: أنت كنت تحيي الموتى وتنهر الشيطان وتبرئ [٣] المجنون؛ أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل؟ ويبصقون عليه، ويلقون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي [٤] أرادوا أن يصلبوه عليها، فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم، فمكث سبعًا.

ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى، ، فأبرأها الله من الجنون، جاءتا تبكيان [٥] حيث المصلوب، فجاءهما عيسى فقال: علام [٦] تبكيان؟ فقالتا: عليك. فقال: إني قد رفعني الله إليه، ولم يصبنى إلا خيرٌ، وإن هذا شبه لهم فأمرا الحواريين يلقوني إلى مكان كذا وكذا. فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر. وفقدوا الذي كان [٧] باعه ودل عليه اليهود، فسأل عنه أصحابه فقال: إنه ندم على ما صنع فاختنق، وقتل نفسه. فقال: لو تاب لتاب الله عليه. ثم سألهم عن غلام كان [٨] تبعهم يقال له: يحيى، فقال: هو معكم فانطلقوا، فإنه سيصبح كل إنسان يحدث بلغة قومه [٩] فلينذرهم وليدعهم. سياق غريب جدًّا.

ثم قال ابن جرير (٩١٣): حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلًا منهم، يقال له: داود، فلما أجمعوا لذلك منه، لم يفظع عبد من عباد الله بالموت فيما ذكر لي فظعه، ولم يجزع منه جزعه، ولم يدع اللَّه في صرفه عنه دعاءه، حتى إنه ليقول فيما يزعمون: اللهم إن كنت صارفًا هذه الكأس عن أحد من خلقك؛ فاصرفها عني، وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دمًا، فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه هو وأصحابه، وهم ثلاثة عشر [١٠] بعيسى ، فلما أيقن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه من الحواريين - وكانوا اثني عشر رجلًا: فطرس [١١]،


(٩١٣) - تفسير الطبرى (٩/ ٣٧١ - ٣٧٣) (١٠٧٨٥).