للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾ هكذا هو في جميع مصاحف الأئمة وكذا هو في مصحف أبي بن كعب، وذكر ابن جرير أنها في مصحف ابن مسعود: (والمقيمون الصلاة)، قال: والصحيح قراءة الجميع، ثم ردّ على من زعم أن ذلك من غلط الكتاب [١]، ثم ذكر اختلاف الناس فقال بعضهم: هو منصوب على المدح كما جاء في قوله: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ قالوا [٢]: وهذا سائغ في كلام العرب، كما قال الشاعر:

لا يَبعدنْ قومِي الَّذينَ هُمُو [٣] … سُمُّ [٤] العُدَاةِ [٥] وآفةُ الحزرِ

النَّازلين بكل مُعْتَرَكٍ … والطَّيِّبونَ مَعَاقِدَ الأزُرِ

وقال آخرون: هو مخفوض عطفًا على قوله: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ يعني: وبالمقيمين الصلاة، وكأنه يقول: وبإقامة الصلاة، أي: يعترفون بوجوبها وكتابتها عليهم، أو أن المراد بالمقيمين الصلاة: الملائكة، وهذا اختيار ابن جرير، يعني: يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالملائكة، وفي هذا نظر، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ يحتمل أن يكون المراد زكاة الأموال، ويحتمل زكاة النفوس، ويحتمل الأمرين، والله أعلم. ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي: يصدّقون بأنه لا إله إلَّا الله، ويؤمنون بالبعث بعد الموت والجزاء على الأعمال خيرها وشرها.

وقوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ هو الخبر عما تقدَّم، ﴿سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ يعني: الجنَّةَ ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)


[١]- في ز: "الكاتب".
[٢]- في خ: "قال".
[٣]- في ز: "هم".
[٤]- في ز: "أشدُّ"، خ: "أسد".
[٥]- في ز: "الغداة".