للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧٣)﴾.

قال ابن أبي حاتم (٩٧٩): حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قوله: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾: لن يستكبر.

وقال قتادة: لن يحتشم ﴿الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ وقد استدل بعض من ذهب إلى تفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية حيث قال: ﴿وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ وليس له في ذلك دلالة؛ لأنه إنما عطف الملائكة على المسيح، لأن الاستنكاف هو الامتناع، والملائكة أقدر على ذلك من المسيح، فلهذا قال: ﴿وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ ولا يلزم من كونهم أقوى وأقدر على الامتناع أن يكونوا أفضل.

وقيل: إنما ذكروا؛ لأنهم اتخذوا آلهة مع الله، كما اتخذ المسيح، فأخبر تعالى أنهم عبيد من عبيده وخلق من خلقه؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ الآيات.

ثم [١] قال: ﴿وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا﴾ أي: فيجمعهم إليه [٢] يوم القيامة، ويفصل بينهم بحكمه العدل الذي لا يجور فيه ولا يحيف. ولهذا قال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ يعني [٣]: فيعطهم من الثواب على قدر أعمالهم الصالحة، ونريدهم على ذلك من فضله وإحسانه وسعة رحمته وامتنانه.

وقد روى ابن مردويه (٩٨٠) من طريق بقية، عن إسماعيل بن عبد الله الكندي، عن الأعمش،


(٩٧٩) - تفسير ابن أبى حاتم (٢٤/ ١١٤) (٦٣١٧)، وذكره السيوطى فى الدر المنثور (٢/ ٤٤٠)، ولم يعزه لغير ابن أبى حاتم.
(٩٨٠) - رواه الطبرانى فى الكبير (١٠/ ٢٤٨) (١٠٤٦٢) وفى الأوسط (٥٧٧٠) والإسماعيلى "معجمه" رقم (٢٠١) من طريق بقية بن الوليد عن إسماعيل به. وإسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن عبد الله الكندى ترجم له الذهبى فى الميزان (١/ ٢٣٥) وقال: عن الأعمش وعنه بقية بخبر عجيب منكر =