للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربعمائة من الهجرة النبوية أنهم اجتمعوا المجمع الكبير الذي عقدوا فيه الأمانة الكبيرة التي لهم، وإنما هي الخيانة الحقيرة الصغيرة، وذلك في أيام قسطنطين باني المدينة المشهورة، وأنهم اختلفوا عليه اختلافًا لا ينضبط ولا ينحصر، فكانوا أزيد من ألفين أسقفًّا فكانوا أحزابًا كثيرة، كل خمسين منهم على مقالة، وعشرون على مقالة، ومائة على مقالة، وسبعون على مقالة، وأزيد من ذلك وأنقص.

فلما رأى [عصابة منهم] قد زادوا على الثلاثمائة وثمانية [١] عشر نفرًا، وقد توافقوا على مقالة فأخذها الملك ونصرها وأيدها وكان فيلسوفًا داهية [٢]، ومحق ما عداها من الأقوال، وانتظم دست أولئك الثلاثمائة وثمانية [٣] عشر، وبنيت لهم الكنائس، ووضعوا لهم كتبًا وقوانين، وأحدثوا فيها [٤] الأمانة التى يلقنونها الولدان من الصغر [٥] ليعتقدوها، ويُعَمِّدونهم عليها، وأتباع هؤلاء هم الملكية [٦]، ثم أنهم اجتمعوا مجمعًا ثانيًا فحدث فيهم اليعقوبية، ثم مجمعًا ثالثًا فحدث فيهم النسطورية، وكل هذه الفرق تثبت الأقانيم الثلاثة فى المسيح، ويختلفون في كيفية ذلك وفي اللاهوت والناسوت على زعمهم هل اتحدا أو ما اتحدا أو امتزجا أو حل فيه؟ على ثلاث مقالات، وكل منهم يكفر الفرقة الأخرى، ونحن نكفر الثلاثة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿انتهوا خيرًا لكم﴾ أي: يكن خيرًا لكم ﴿إنما اللَّه إله واحد سبحانه أن يكون له ولد﴾ أي: تعالى وتقدس عن ذلك علوا كبيرًا ﴿له ما في السموات وما في الأرض وكفى باللَّه وكيلًا﴾ أي: الجميع ملكه وخلقه، وجميع [ما فيهما] [٧] عبيده وهم تحت تدبيره وتصريفه، وهو وكيل [٨] على كل شيء، فكيف يكون له منهم صاحبة أو [٩] ولد، كما قال في الآية الأخرى: ﴿بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم يكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم﴾. وقال تعالى: ﴿وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدًّا﴾ إلى قوله: ﴿فردًا﴾.

﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ


[١]- في خ: "بثمانية".
[٢]- في ز: "ذا هيئة".
[٣]- في خ: "الثمانين".
[٤]- سقط من: ز، خ.
[٥]- في خ: "الصغار".
[٦]- في خ: "المالكية".
[٧]- ما بين المعكوفتين في ز: "من فيها".
[٨]- في خ: "الوكيل".
[٩]- في خ: "و".