للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قلت): وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الأم والمختصر، فإِنه قال في كلا الموضعين: يحتمل معنيين، ثم وجه كُلًّا منهما، فحمل ذلك الأصحاب منه، فأطلقوا في المسألة قولين عنه، اللهم إِلا أنه في بحثه حكايته للقول بالحل رشحه قليلًا، ولم يصرح بواحد منهما ولا جزم به، والقرل بذلك - أعني الحل - نقله ابن الصباغ عن أبي حنيفة من رواية الحسن بن زياد عنه، ولم يذكر غير ذلك. وأما أبو جعفر بن جرير فحكاه في تفسيره (٥٦)، عن سلمان الفارسي وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر، وهذا غريب جدًّا، وليس يوجد ذلك مصرحًا به عنهم، إِلا أنه من تصرفه، ورضي عنه -.

(والقول الثاني): أن ذلك لا يحل، وهو أحد القولين عن الشافعي ، واختاره المزني، ويظهر من كلام ابن الصباغ ترجيحه أيضًا، والله أعلم. ورواه أبو يوسف ومحمد عن [١]- أبي حنيفة، وهو المشهور عن الإِمام أحمد بن حنبل ، وهذا القول أشبه بالصواب، والله أعلم؛ لأنه أجري على القواعد الأصولية، وأمس بالأصول الشرعية، واحتج ابن الصباغ له بحديث رافع بن خديج، قلت: يا رسول الله، إِنا لاقوا العدو غدًا، وليس معنا مدي [٢]، أفنذبح بالقصب، قال: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكلوه". الحديث بتمامه وهو في الصحيحين" (٥٧).


(٥٦) - انظر تفسير ابن جرير الطبري (٩/ ٥٥٩ - ٥٦٤) وسيأتي تخريج هذه الآثار انظر (١٣٢) وما بعده.
(٥٧) - أخرجه البخاري في الشركة باب: قسمة الغنم، الحديث (٢٤٨٨) وفي كتاب الرهن باب من عدل عشرة من الغنم بجزور في القسم الحديث (٢٥٠٧)، وفي الجهاد والسير باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم الحديث (٣٠٧٥)، وفي الذبائح والصيد باب: التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدًا الحديث (٥٤٩٨)، وفي الذبائح والصيد باب: ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، الحديث (٥٥٠٣)، وباب لا يذكي بالسن والعظم والظفر الحديث (٥٥٠٦)، وفي باب: ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش الحديث (٥٥٠٩) وفي الأضاحي، باب: إذا ندَّ بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله … الحديث (٥٥٤٤).
ومسلم في الأضاحي، باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلَّا السن والظفر وسائر العظام، الحديث (١٩٦٨/ ٢٠، ٢١، ٢٢، ٢٣) من طرق عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع عن جده. ورواه البخاري في الذبائح والصيد، باب: إذا أصاب فوم غنيمة فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر أصحابه لم تؤكل … الحديث (٥٥٤٣) من طريق عباية بن رفاعة عن أبيه عن رافع بن خديج به، والروايات مطولة ومختصرة.