للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأميين أأسلمتم فإِن أسلموا فقد اهتدوا﴾ الآية.

وقوله: ﴿إذا آتيموهن أجورهن﴾ يعني [١]: مهورهنّ، أي: كما هنَّ محصنات عفائف، فابذلوا لهنَّ المهور عن طيب نفس، وقد أفتى جابر بن عبد اللَّه [] [٢] وعامر الشعبي [وإِبراهيم النخعي] [٣] والحسن البصري - بأن الرجل إِذا نكح امرأة، فزنت [٤] قبل دخوله بها أَنه يفرق [بينه وبينها] [٥]، وترد عليه ما بذل لها من المهر، رواه ابن جرير عنهم (١٦٧).

وقوله: ﴿محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان﴾ فكما شرط الإِحصان في النساء - وهي العفة عن الزنا - كذلك شرطها فى الرجال، وهو أبي يكون الرجل [] [٦] محصنًا عفيفًا، ولهذا قال: ﴿غير مسافحين﴾ وهم: الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية، ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم، ﴿ولا متخذي أخدان﴾ أي: ذوي [٧] العشيقات، اللاتي [٨] لا يفعلون إِلا معهن، كما تقدم في سورة النساء سواء، ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل إِلى أنه لا يصح نكاح المرأة البغي حتى تتوب، وما دامت كذلك لا يصح تزويجها من رجل عفيف، وكذلك لا يصح عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب، ويقلع عما هو فيه من الزنا، لهذه الآية، وللحديث الآخر [٩]: "لا ينكح الزاني المجلودُ إِلا مثله" (١٦٨).

وقال ابن جرير (١٦٩): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أن لا أدع أحدًا أصاب فاحشة في الإِسلام أن يتزوج محصنة. فقال له أبي بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك،


(١٦٧) - تفسير الطبرى (٩/ ٥٨٦ - ٥٨٧).
(١٦٨) - أخرجه أبو داود فى النكاح، باب: فى قوله تعالى: ﴿الزانى لا ينكح إلَّا زانية﴾ الحديث (٢٠٥٢)، أحمد (٢/ ٣٢٤)، والحاكم (٢/ ١٦٦) من طريق حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد المقبرى، عن أبى هريرة به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبى، قال الألبانى فى "الصحيحة" (٢٤٤٤): وهو كما قالا. وصححه أيضًا فى صحيح الجامع (٧٦٨٥) وصحيح أبى داود ١٨٠٧).
(١٦٩) - تفسير ابن جرير (٩/ ٥٨٤) (١١٢٦٧).