للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾.

وقد كان عبد اللَّه بن عمر لا يرى التزويج بالنصرانية، ويقول: لا أعلم شركًا أعظم من أن تقول: إن ربها عيسى، وقد قال اللَّه تعالى: ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن﴾ الآية (١٦٥).

وقال ابن أبى حاتم (١٦٦): حدثنا أبى، حدثنا محمد بن حاتم بن سليمان المؤدب، حدثنا القاسم بن مالك - يعني المزني - حدثنا إسماعيل بن سميع، عن أبى مالك الغفاري، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن﴾ قال: فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها: ﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾، فنكح الناس نساء أهل الكتاب.

وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى، ولم يروا بذلك بأسًا، أخذًا بهذه الآية الكريمة: ﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾ فجعلوا هذه مخصصة [١] للآية للتي في سورة [٢] البقرة: ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن﴾ إن قيل بدخول الكتابيات في عمومها، وإِلا فلا معارضة بينها وبينها [٣]؛ لأن أهل الكتاب قد انفصلوا [٤] في ذكرهم عن المشركين في غير موضع، كقوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة﴾، وكقوله [٥]: ﴿وقل للذين أوتوا الكتاب


(١٦٥) - أخرج ذلك عنه البخارى فى صحيحه فى الطلاق، باب قول اللَّه تعالى: ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم﴾ الحديث (٥٢٨٥) عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية؟ قال: "إن اللَّه حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: المرأة ربها عيسى، وهو عبد من عباد اللَّه". ورواه نحوه النحاس فى ناسخه (ص ١٩٥ - ١٩٦) ورواه ابن أبى شيية فى مصنفه (٣/ ٢٩٧) عن ميمون بن مهران عن ابن عمر أنه كره نكاح نساء أهل الكتاب وقرأ: ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن﴾ ومن هدا الطريق رواه ابن أبي حاتم بهذا اللفظ كما نقله عنه المصنف فى تفسير سورة البقرة الآية (٢٢١).
(١٦٦) - أخرجه أيضًا الطبرانى فى "الكبير" (١٢/ ١٠٥) (١٢٦٠٧) حدثنا عبيد العجلى ثنا محمد بن حاتم … فذكره، وقال الهيثمى فى "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٧٧): رواه الطبرانى ورجاله ثقات. وذكره السيوطى في "الدر المنثور" (١/ ٤٥٨) وعزاه للطبرانى وابن أبى حاتم.