للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح، ثم قال الشعبي: ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلًا، ويلغي [١] ما كان مسحًا.

وحدثنا ابن أبي زياد (٢١٦)، حدثنا يزيد، أخبرنا إسماعيل، قلت لعامر: إِن ناسًا يقولون: إِن جبريل نزل بغسل الرجلين، فقال: نزل جبريل بالمسح.

فهذه آثار غريبة جدًّا، وهي محمولة على أن المراد بالمسح: هو الغسل الخفيف، لما سنذكره من السنة الثابتة في وجوب غسل الرجلين، وإِنما جاءت هذه القراءة بالخفض، إِما على المجاورة، وتناسب الكلام، كما في قول العرب: جُحْر ضبٍّ خربٍ، وكقوله تعالى: ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾، وهذا ذائع شائع في لغة العرب، سائغ، ومنهم من قال: هي محمولة على مسح القدمين، إِذا كان عليهما الخفان، قاله أبو عبد الله الشافعي ومنهم من قال: هي دالة على مسح الرجلين، ولكن المراد بذلك الغسل الخفيف، كما وردت [٢] به السنة، وعلى كل تقدير، فالواجب غسل الرجلين، فرضًا لابد منه، للآية والأحاديث التي سنوردها، ومن أحسن ما يستدل به على أن المسح يطلق على الغسل الخفيف، ما رواه الحافظ البيهقي حيث قال (٢١٧):

أخبرنا أبو على الروذباري، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا عبد الملك بن ميسرة، سمعت النزال بن سبرة يحدث عن علي بن أبي طالب، أنه صلى الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة، حتى حضرت صلاة العصر، ثم أتى بكوز من ماء، فأخذ منه حفنة واحدة، فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضله، وهو قائم، ثم قال: إِن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا، وإِن رسول الله صنع كما [٣] صنعت. وقال: "هذا وضوء من لم يحدث".

رواه البخاري في الصحيح عن آدم ببعض معناه.

ومن أوجب [٤] من الشيعة مسحهما، كما يمسح الخف - فقد ضل وأضل، وكذا من جوز


(٢١٦) - رواه في تفسيره (١٠/ ٦٠) (١١٤٨٥)، وانظر الذى قبله.
(٢١٧) - رواه في سننه (١/ ٧٥)، وفد تقدم تخريجه رقم (١٧٥).