للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ﴾ إذا كان ابن نوح الكافر غرق، فكيف يبقى عوج بن عنق وهو كافر، وولد زنية؟ هذا لا يسوغ في عقل ولا شرع، ثم في وجود رجل يقال له: عوج بن عنق نظر، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ أي: فلما نكل بنو إسرائيل عن طاعة الله، ومتابعة رسول الله موسى ، حرضهم رجلان، لله عليهما نعمة عظيمة، وهما ممن يخاف أمر الله، ويخشى عقابه.

وقرأ بعضهم: ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ أي: ممن لهما مهابة وموضع من الناس، ويقال: إنهما يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا. قاله ابن عبَّاس ومجاهد وعكرمة وعطية والسدي والربيع بن أَنس وغير واحد من السلف والخلف، (٢٩٦). فقالا: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: متى [١] توكلتم على الله، واتبعتم أمره، ووافقتم رسوله، نصركم الله على أعدائكم، وأيدكم وظفركم بهم، ودخلتم البلد [٢] التي كتبها الله [٣] لكم، فلم ينفع ذاك فيهم شيئًا. ﴿قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ وهذا نكول منهم عن الجهاد، ومخالفة لرسولهم، وتخلف عن مقاتلة الأعداء.

ويقال: إنهم لما نكلوا عن الجهاد، وعزموا على الانصراف والرجوع إلى مصر [٤]، سجد موسى وهارون قدَّام ملإٍ من بني إسرائبل، إعظاما لما هموا به، وشق يوشع بن نون وكالب بن يوفنا [٥] ثيابهما، ولاما قومهما على ذلك، فيقال: إنهم رجموهما، وجرى أمر عظيم وخطر جليل.

وما أحسن ما أجاب به الصحابة يوم بدر رسول الله ، حين استشارهم في قتال النفير، الذسن جاءوا لمنع العير الذي كان مع أبي سفيان، فلما فات اقتناص العير واقترب منهم النفير، وهم في جمع ما بين التسعمائة إلى الألف في العدّة والبيض واليَلَب (*)، فتكلم أَبو بكر فأحسن، ثم تكلم من [تكلم


(٢٩٦) - هذه الآثار أخرجها ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ١٧٦ - ١٧٨) (١١٦٦٤ - ١١٦٧٣)، وانظر "الدر المنثور" (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
(*) اليلب: الدروع من الجلود.