للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعطوهم حبة من عنب، تكفي الرجل، فقال لهم: اذهبوا إلى موسى وقومه، فقولوا لهم هذا [١] قدر فاكهتهم، [فرجعوا إلى موسى، فأخبروه بما رأوا، فلما أمرهم موسى بالدخول عليهم وقتالهم] [٢]، قالوا: يا موسى، اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون.

رواه ابن أبي حاتم (٢٩٣). ثم قال:

حدَّثنا أَبى، حدَّثنا ابن أبي مريم، حدَّثنا يحيى بن أيوب، عن يريد بن الهاد، حدثني يحيى ابن عبد الرحمن، قال: رأيت أَنس بن مالك أخذ عصا، فذرع فيها بشيء لا أدري كم ذرع، ثم قاس بها في الأرض خمسين أو خمسًا وخمسين، ثم قال: هكذا طول العماليق (٢٩٤).

وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا أخبارًا من وضع بني إسرائيل، في عظمة خلق هؤلاء الجبارين، [وأنه كان فيهم] [٣] عوج بن عنق بن آدم ، وأنَّه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ذراعًا وثلث ذراع، تحرير الحساب، وهذا شيء يستحيي من ذكره، ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيحين (٢٩٥) أن رسول الله قال: "إنَّ الله خلق آدم وطوله ستون ذراعًا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتَّى الآن".

ثم ذكروا أن هذا الرجل كان كافرًا، وأنه كان ولد زنية، وأنه امتنع من ركوب سفينة نوح، وأن الطوفان لم يصل إلى ركبته. وهذا كذب وافتراء، فإن الله تعالى ذكر أن نوحًا دعا على أهل الأرض من الكافرين، فقال: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾. وقال تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿لَا عَاصِمَ


(٢٩٣) - أخرجه أيضًا ابن جرير الطبري فى تفسيره (١٠/ ١٨٠) (١١٦٧٦) من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس. وقد سبق الكلام على هذا الإسناد. والأثر: ذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٧٩) وعزاه لابن أبي حاتم وابن جرير.
(٢٩٤) - إسناده رجاله ثقال إلَّا يحيى بن أيوب وهو أَبو العباس المصرى، قال الحافظ فى "التقريب": صدوق ربما أخطأ. وابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أَبى مريم، ثقة من رجال التهذيب. والأثر: ذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٧٩) ولم يعزه لغير ابن أبي حاتم.
(٢٩٥) - أخرجه البخارى فى صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته، الحديث (٣٣٢٦)، وفى محناب الاستئذان باب: بدء السلام، الحديث (٦٢٢٧)، ومسلم فى كتاب الجنَّةَ وصفة نعيمها وأهلها، الحديث (٢٨٤١) من طريق همام عن أبي هريرة.