للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعوت إليه، إلا أنا وأخي] [١] هارون ﴿فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾. قال العوفي عن ابن عباس: يعني: اقض بيني وبينهم. وكذا قال على بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس (٣٠٧).

[وكذا قال الضحاك: اقض بيننا وبينهم، وافتح بيننا وبينهم (٣٠٨). وقال غيره: افرق] [٢]: افصل بيننا وبينهم، كما قال الشاعر:

يارب فافرق بينه وبيني … أشد ما فرقت بين اثنين [٣]

وقوله تعالى: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾، لما دعا عليهم موسى حين نكلوا عن الجهاد، حكم الله [عليهم] بتحريم دخولها قدر [٤] مدة أربعين سنة، فوقعوا في التيه، يسيرون دائمًا لا يهتدون للخروج منه، وفيه كانت أمور عجيبة وخوارق كثيرة، من تظيلهم بالغمام وإنزال [٥] المن والسلوى عليهم، ومن إخراج الماء الجارى من صخرة صماء، تحمل معهم على دابة، فإذا ضربها موسى بعصاه؛ انفجرت من ذلك الحجر اثنتا عشرة عينًا تجري لكل شعب عين، وغير ذلك من المعجزات التي أيد الله بها موسى بن عمران، وهناك أنزلت [٦] التوراة، وشرعت لَهُم الأحكام، وعملت قبة العهد، ويقال لها: قبة الزمان.

قال يزيد بن هارون: عن أصبغ بن يزيد [٧]، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير: سألت ابن عبَّاس عن قوله ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ الآية، قال: فتاهوا في الأرض أربعين سنة، يصبحون كل يوم يسيرون ليس لهم قرار، ثم ظلل عليهم الغمام في التيه، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى. وهذا قطعة من حديث الفتون (٣٠٩). ثم كانت وفاة هارون ثم بعده بمدة ثلاث سنين وفاة [٨] موسى


(٣٠٧) - أمَّا رواية العوفى عن ابن عبَّاس: فأخرجها ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ١٨٨، ١٨٩) (١١٦٨٦)، وذكرها السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٨١) وزاد نسبتها إلى ابن أبي حاتم. وأمَّا رواية على بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس: فأخرجها ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ١٨٩) (١١٦٨٧).
(٣٠٨) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ١٨٩) (١١٦٨٩).
(٣٠٩) - سيأتي تخرجه في تفسيره (طه/ آية ٤٠).