الكليم ﵇ وأقام الله فيهم يوشع بن نون ﵇ نبيًّا خليفة عن موسى بن حمران، ومات أكثر بني إسرائيل هناك في تلك المدة، ويقال: إنه لم يبق منهُم أحد سوى يوشع وكالب، ومن هاهنا قال بعض المفسرين في قوله ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ﴾: هذا [١] وقف تام، وقوله: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ منصوب بقوله] [٢] ﴿يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾. فلما انقضت المدة خرج بهم يوشع بن نون ﵇ أو بمن بقي منهم، وبسائر بني إسرائيل من الجيل الثاني، فقصد بهم بيت المقدس، فحاصرها، فكان فتحها يوم الجمعة بعد العصر، فلما تضيفت الشمس للغروب، وخشي [٣] دخول السبت عليهم، قال: إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علي. فحبسها الله تعالى حتَّى فتحها، وأمر الله يوشع بن نون أن يأمر بنى إسرائيل حين يدخلون بيت المقدس؛ أن يدخلوا بابها سجدًا، وهم يقولون: حطة. أي: حط عنا ذنوبنا، فبدلوا ما أمروا به، ودخلوا [٤] يزحفون على أستاههم، وهم يقولون: حبة في شعرة، وقد تقدم هذا كله في سورة البقرة.
و [٥] قال ابن أبي حاتم (٣١٠): حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمد بن أبي عمر العدني [٦]، حدَّثنا سفيان، عن أي سعيد [٧]، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس ﵁ قوله: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ قال: فتاهوا أربعين سنة. قال [٨]: فهلك موسى وهارون في التيه، وكل من جاوز الأربعين سنة، فلما مضت الأربعون سنة، ناهضهم [٩] يوشع بن نون وهو الذي قام بالأمر بعد موسى، وهو الذي افتتحها، وهو الذي قيل له: اليوم يوم الجمعة، فهموا بافتتاحها، ودنت الشمس للغروب، فخشي إن دخلت ليلة السبت أن يسبتوا، فنادى الشمس: إني مأمور، وإنك مأمورة، فوقفت حتَّى افتتحها، فوجد فيها من الأموال ما لم ير مثله قط، فقربوه إلى النار فلم تأته [١٠]، فقال: فيكم
(٣١٠) - رواه أيضًا ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ١٩٣) (١١٦٩٥) حدثنى عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا إبراهيم بن بشار قال: حدَّثنا سفيان قال أَبو سعيد عن عكرمة به مختصرًا، وفيه: "فكل من دخل التيه ممن جاوز العشرين سنة مات فى التيه". والذى نقله ابن كثير هنا والسيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٨١): "فهلك موسى وهارون وكل من جاوز الأربعين سنة" وإسناد ابن جرير هذا تقدم الكلام عليه فى رقم (٢٩٢).