للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكل من رضي بولاية اللَّه ورسوله والمؤمنين؛ فهو مفلح في الدنيا والآخرة، ومنصور في الدنيا

والآخرة؛ ولهذا قال تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ومن يتول اللَّه ورسوله والذين آمنوا فإن

حزب اللَّه هم الغالبون﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (٥٨)

وهذا تنفير من موالاة أعداء الإِسلام وأهله من الكتابيين والمشركين، الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون، وهي شرائع الإِسلام المطهرة المحكمة، المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي، يتخذونها هزوًا يستهزئون بها، ولعبًا يعتقدون أنها نوع من اللعب في نظرهم الفاسد، وفكرهم البارد، كما قال القائل:

وكم من [١] عائب قولًا صحيحًا … وآفته من الفهم السقيم

وقوله تعالى: ﴿من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار﴾ " مِنَ " هاهنا لبيان الجنس، كقوله: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾ وقرأ بعضهم: (والكفار) بالخفض عطفًا، وقرأ آخرون: بالنصب على أنه معمول ﴿لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾ تقديره: (ولا الكفار أولياء) أي: لا تتخذوا هؤلاء ولا هؤلاء أولياء.

والمراد بالكفار هاهنا المشركون، وكذلك وقع في قراءة ابن مسعود فيما رواه ابن جرير ﴿لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا﴾ (٥٤١).

وقوله: ﴿واتقوا اللَّه إن كنتم مؤمنين﴾ أي: اتقوا اللَّه أن تتخذوا هؤلاء الأعداء لكم ولدينكم أولياء، إن كنتم مؤمنين بشرع اللَّه الذي اتخذه هؤلاء هزوًا ولعبًا، كما قال تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من


(٥٤١) - رواه ابن جرير الطبرى فى تفسيره (١٠/ ٤٣٠) (١٢٢١٧).