للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾.

وقوله: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ أي: وكذلك إذا أذنتم داعين إلى الصلاة التي هي أفضل الأعمال، لمن يعقل ويعلم من ذوي الألباب ﴿اتَّخَذُوهَا﴾ أيضًا ﴿هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ معاني عبادة الله وشرائعه، وهذه صفات أتباع "الشيطان الذي إذا سمع الأذان أدبر وله حُصاص [١]، أي: ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قفي التأذين أقبل، فإذا ثوب بالصلاة أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وقلبه، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل [٢] الرجل إن يدري كم صلي، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل السلام". متفق عليه (٥٤٢).

وقال الزهري: قد ذكر الله التأذين في كتابه، فقال: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾. رواه ابن أبي حاتم (٥٤٣).

وقال أسباط، عن السدي في قوله: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا [٣] وَلَعِبًا﴾ قال: كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: حرق الكاذب. فدخلت خادمه ليلة من الليالي بنار، وهو نائم وأهله نيام، فسقطت شرارة فأحرقت البيت فاحترق هو وأهله.

رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (٥٤٤)، وذكر محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة: أن رسول الله دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال، فأمره أن يؤذن وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد [٤] والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد [٥]: لقد أكرم


(٥٤٢) - رواه مالك فى "الموطأ" كتاب الصلاة، باب: ما جاء فى النداء للصلاة حديث (٦) ومن طريقه البخارى فى "صحيحه" كتاب الأذان، باب: فضل التأذين حديث (٦٠٨)، ومسلم فى المساجد، ومواضع الصلاة، باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، حديث (٦٠٨) عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة.
وللحديث أسانيد أخرى فى الصحيحين وغيرهما.
(٥٤٣) - رواه فى تفسيره (٤/ ١١٦٤) (٦٥٥٨).
(٥٤٤) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٤٣٢) (١٢٢١٨)، وابن أبى حاتم (٤/ ١١٦٣، ١١٦٤) (٦٥٥٧)، وذكره السيوطى فى الدر المنثور (٢/ ٥٢١) وزاد نسبته إلى أبى الشيخ.