للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطاغوت فيكم، وكنتم أنتم الذين تعاطوا ذلك، وكل هذه القراءات يرجع معناها إلى أنكم يا أهل الكتاب الطاعنين في ديننا: الذي هو توحيد الله وإفراده بالعبادات دون ما [١] سواه، كيف يصدر منكم هذا وأنتم قد وجد منكم جميع ما ذكر؟! ولهذا قال: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ أي: مما تظنون بنا ﴿وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾.

وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر مشاركة؛ كقوله ﷿ ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾.

وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ وهذه صفة المنافقين منهم: أنهم يصانعون المؤمنين في الظاهر وقلوبهم منطوية على الكفر؛ ولهذا قال: ﴿وَقَدْ دَخَلُوا﴾ أي: إلى [٢] عندك يا محمد ﴿بِالْكُفْرِ﴾ أي: مستصحبين الكفر في قلوبهم، ثم خرجوا وهو كامن فيها لم ينتفعوا بما قد سمعوا منك من العلم، ولا نجعت فيهم المواعظ ولا الزواجر، ولهذا قال: ﴿وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ فخصهم به دون غيرهم.

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ﴾ أي [٣]: والله عالم [٤] بسرائرهم [٥] وما تنطوي عليه ضمائرهم [٦]، وإن أظهروا لخلقه خلاف ذلك وتزينوا بما ليس فيهم، فإن الله عالم الغيب والشهادة اعلم بهم منهم وسيجزيهم على ذلك أتم الحزاء.

وقوله: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ أي: يبادرون إلى ذلك من تعاطي المآثم والمحارم، والاعتداء على الناس، وأكل أموالهم بالباطل ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: لبئس العمل كان [٧] عملهم، وبئس الاعتداء [٨] اعتداؤهم [٩].

وقوله تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ يعني: هلا كان ينهاهم الربانيون والأحبار عنَ تعاطي ذلك، والربانيون [١٠]


[١]- سقط من: ت.
[٢]- سقط من: ت.
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- سقط من: خ.
[٥]- في ز: "بسرائركم".
[٦]- في ز: "ضمائركم".
[٧]- في ز: "كانوا".
[٨]- في ز: "الاعتماد".
[٩]- في ز: "اعتمادهم".
[١٠]- في ز: "الربانيون"، سقط من: خ.