وقوله تعالى: ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ يعني: أنَّه لا تجتمع قلوبهم، بل العداوة واقعة بين فرقهم بعضهم في بعض دائمًا؛ لأنهم لا يجتمعون في حق، وقد خالفوك وكذبوك.
وقال إبراهيم النخعي: ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ قال: الخصومات والجدال في الديق. رواه ابن أبي حاتم (٥٦٥).
وقوله: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾ أي: كلما عقدوا أسبابًا يكيدونك بها، و [١] كلما أبرموا أمورًا يحاربونك بها، أبطلها [٢] الله وردَّ [٣] كيدهم عليهم، وحاق [٤] مكرهم السيئ بهم.
﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي: من سجيتهم أنهم دائمًا يسعون في الإِفساد في الأرض، والله لا يحب من هذه صفته.
ثم قال جل وعلا: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ أي: لو أنهم آمنوا بالله ورسوله، واتقوا ما كانوا يتعاطونه من [المآثم والمحارم][٥] ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ أي: لأزلنا عنهم المحذور وأنلناهم [٦] المقصود.
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ قال ابن عبَّاس وغيره: هو [٧] القرآن.
﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ أي: لو أنَّهم عملوا بما في الكتب التي بأيديهم عن الأنبياء، على ما هى عليه من غير تحريف ولا [تبديل ولا تغيير][٨]، لقادهم ذلك إلى اتباع الحق، والعمل بمقتضى ما بعث الله به محمدًا ﷺ؛ فإن كتبهم ناطقة بتصديقه، والأمر باتباعه حتمًا لا محالة.