للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه مأخوذٌ من أسآر الإناء وهو البقية. وعلى هذا فيكون أصلها مهموزًا. وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوًا لانضمام ما قبلها.

وقيل: لتمامها وكمالها؛ لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.

(قلت): ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله دوره.

وجمع السورة سوَر بفتح الواو، وقد يجمع على سورات وسوارات.

وأما الآية فمن العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة، قال الله تعالى: ﴿إن آية ملكه﴾ وقال النابغة:

توهمت آيات لها فعرفتها … لستة أعوام وذا العام سابع

وقيل: لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآياتهم أي بجماعاتهم، قال الشاعر (٤٧٢):

خرجنا من النقبين لا حي مثلنا … بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا

وقيل: سميت آية لأنها عجيب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.

قال سيبويه: وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفا فصارت آية بهمزة بعدها مدة.

وقال الكسائي: أصلها آيية على وزن آمنة فقلبت ألفًا ثم حذفت لالتباسها.

وقال الفراء: أصلها أيية -بتشديد الياء الأولى- فقلبت ألفًا كراهة التشديد، فصارت آية وجمعها آي وآياي وآيات.

وأما الكلمة؛ فهي اللفظة الواحدة، وقد تكون على حرفين، مثل: "ما" و"لا" ونحو ذلك. وقد تكون أكثر، وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل: ﴿ليستخلفنهم﴾ و ﴿أنلزمكموها﴾ و ﴿فأسقيناكموه﴾. وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك الم، وطه، ويس، وحم، في قول الكوفيين، وحم، وعسق، عندهم كلمتان وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هذه فواتح السور.

وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى ﴿مدهامتان﴾ بسورة الرحمن.


(٤٧٢) - البيت لبرج بن مسهر الطائي، وهو في تفسير القرطبي (١/ ٦٦).