للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى: ﴿قُلْ﴾ يا محمد: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ أي: من الدين ﴿حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ أي: حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء، وتعملوا بما فيها، ومما فيها الأمر باتباع محمد ، والإيمان بمبعثه والاقتداء بشريعته، ولهذا قال ليث بن أبي سليم، عن مجاهد في قوله: ﴿مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني: القرآن العظيم (٥٨٨).

وقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ تقدم تفسيره، ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ أي: فلا تحزن عليهم ولا يهيدنك [١]، ذلك منهم.

ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وهم المسلمون ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ وهم حملة التوراة ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ لما طال الفصل حسن العطف بالرفع، والصابئون: طائفة بين [٢] النصارى والمجوس ليس لهم دين، قاله مجاهد، وعنه: بين [٣] اليهود والمجوس. وقال سعيد بن جبير بين [٤]: اليهود والنصارى، وعن الحسن: إنهم كالمجوس. وقال قتادة: هم قوم يعبدون الملائكة ويصلون إلى غير القبلة ويقرءون الزبور. وقال وهب بن منبه: هم قوم يعرفون الله وحده، وليست لهم شريعة يعملون بها ولم يحدثوا كفرًا (٥٨٩).

وقال ابن وهب (٥٩٠): أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه قال: الصابئون هم [٥] قوم مما يلي العراق وهم بكوثي [٦]، وهم يؤمنون بالنبيين كلهم، ويصومون كل سنة ثلاثين يومًا، ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات. وقيل: غير ذلك.

وأما النصارى فمعروفون، وهم حملة الإِنجيل.

والمقصود: أن كل فرقة آمنت بالله واليوم [٧] الآخر - وهو الميعاد والجزاء يوم الدين - وعملت


(٥٨٨) - رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١١٧٥) (٦٦٢١) من طريق ليث عن مجاهد (ما أنزل إليكم من ربكم) قال: ما أنزل على محمد .
(٥٨٩) - انظر هذه الأقوال في تفسير ابن أبي حاتم (٤/ ١١٧٥، ١١٧٦).
(٥٩٠) - رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١١٧٦) (٦٦٢٩).