للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥)

يقول تعالى حاكمًا بتكفير فرق النصارى من الملكية واليعقوبية والنسطورية، ممن قال منهم بأن المسيح هو الله، تعالى الله عن قولهم وتنزه وتقدس علوًّا كبيرًا.

هذا، وقد تقدم إليهم المسيح بأنه عبد الله ورسوله، وكان أول كلمة نطق بها وهو صغير في المهد أن قال ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾، ولم يقل: إني [١]، أنا الله ولا ابن الله بل قال: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ إلى أن قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾.

وكذلك قال لهم في حال كهولته ونبوته، آمرًا لهم بعبادة الله به وربهم وحده لا شريك له؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ أي: فيعبد معه [٢]، غيره ﴿فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ﴾ أي: فقد أوجب له النار وحرم عليه الجنة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، وقال تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.

وفي الصحيح: أن النبي بعث مناديًا ينادي في الناس: إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة - وفي لفظ مؤمنة - " (٥٩١).

وتقدم في أول سورة النساء عند قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ حديث يزيد بن بابنوس عن عائشة: الدواوين ثلاثة، فذكر منهم ديوانًا لا يغفره الله وهو الشرك بالله، قال الله تعالى: ﴿مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾. الحديث في مسند أحمد.


(٥٩١) - رواه البخاري في صحيحه، في الرقاق، باب: الحشر، حديث (٦٥٢٨)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: كون هذه الأمة نصف أهل الجنة، حديث (٣٧٧/ ٢٢١) من حديث ابن مسعود.