للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قال تعالى إخبارًا عن المسيح أنه قال لبني إسرائيل: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ أي: وما له عند الله ناصر ولا معين ولا منقذ مما هو فيه.

وقوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ قال ابن أبي حاتم (٥٩٢):

حدثنا على بن الحسن الهسنجاني [١]، حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، حدثنا الفضل، حدثني أبو صخر في قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ قال: هو قول اليهود: عزيز ابن الله، وقول النصارى: المسيح ابن الله، فجعلوا الله ثالث ثلاثة.

وهذا قول غريب في تفسير الآية أن المراد بذلك طائفتا [٢] اليهود والنصارى، [والصحيح أنها] [٣] [أنزلت في النصارى] [٤] خاصة. قاله مجاهد وغير واحد.

ثم اختلفوا في ذلك؛ فقيل: المراد بذلك كفرهم [٥] في قولهم بالأقانيم الثلاثة؛ وهو أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا. قال [٦] ابن جرير وغيره. والطوائف الثلاثة من الملكية واليعقوبية والنسطورية تقول بهذه الأقانيم، وهم مختلفون فيها اختلافًا متباينًا ليس هذا موضع بسطه، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى، والحق أن الثلاث كافرة.

وقال السدي وغيره: نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا [٧] الاعتبار، قال السدي: وهي كقوله تعالى في آخر السورة: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ الآية (٥٩٣). وهذا القول هو الأظهر، والله أعلم.


(٥٩٢) - رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١١٧٩) (٦٦٤٧).
(٥٩٣) - رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٤٨٣) (١٢٢٩٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١١٧٩) (٦٦٤٦).