للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني: أنهما يكونان شاهدين، وهو ظاهر سياق الآية الكريمة، فإن لم يكن وصي ثالث معهما اجتمع فيهما [١] الوصفان: الوصاية والشهادة، كما في قصة تميم الداري وعدي ابن بدّاء، كما سيأتي ذكرهما آنفا إن شاء اللَّه، وبه التوفيق.

وقد استشكل ابن جرير كونهما شاهدين قال؛ لأنا لا نعلم حكمًا يحلف [٢] فيه الشاهد.

وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة، وهو حكم مستقل بنفسه، لا يلزم أن يكون جاريا على قياس جميع الأحكام، على أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص، وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر في غيره، فإذا قامت قرائن الريبة حلف [٣] هذا الشاهد بمقتضى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة.

[وقوله تعالى] [٤]: ﴿تحبسونهما من بعد الصلاة﴾ قال العوفي [٥] عن [٦] ابن عباس: يعني صلاة العصر.

وكذا قال سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وقتادة وعكرمة ومحمد بن سيرين. وقال الزهري: يعني صلاة المسلمين.

وقال السدي، عن ابن عباس: يعني صلاة أهل دينهما.

[وروي عن عبد الرزاق (٨١٦) عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، وكذا قال إبراهيم وقتادة وغير واحد] [٧]. والمقصود أن يقام هذان الشاهدان بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم ﴿فيقسمان بالله﴾ [أي: فيحلفان بالله] [٨] ﴿إن ارتبتم﴾ أي [٩]: إن ظهرت لكم منهما [١٠] ريبة أنهما قد خانا أو غلّا فيحلفان حينئذ بالله ﴿لا نشتري به﴾ أي: بأيماننا، قاله مقاتل بن حيان ﴿ثمنًا﴾ أي: لا نعتاض عنه بعوض قليل من الدنيا الفانية الزائلة ﴿ولو كان ذا قربى﴾ أي: ولو كان المشهود عليه قريبا إلينا لا نحابيه ﴿ولا نكتم شهادة اللَّه﴾ أضافها إلى اللَّه تشريفًا لها وتعظيمًا لأمرها.


(٨١٦) - رواه عبد الرزاق فى تفسيره (١/ ٢٠٠).